خاتمة البحث:
حكمة التشريع
هذا البيت العتيق الذي رفع قواعده أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، هو قبلة أهل الأرض، كما أنّ البيت المعمور قبلة أهل السماء يطوفون حوله يسبّحون بحمد الله.
وقد اقتضت حكمة الله أن يجمع (أمة التوحيد) على قبلةٍ واحدة، فأمر خليله إبراهيم عليه السلام أن يبني هذا البيت العتيق، ليكون مثابة للناس وأمناً، ومصدراً للإشعاع والنور الرباني، ومكاناً لحج بيته المعظم، يأتيه الناس من كل فج عميق
﴿لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: ٢٨]. وقد أمر الله رسوله الكريم بالتوجه إليه في الصلاة، بعد أن توجه إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، وذلك لحكمة جليلة هي امتحان إيمان الناس، واختبار صدق يقينهم، ليظهر المؤمن الصادق، من الكاذب المنافق، وليعيد لهذه الأمة التي اختارها الله، قيادة ركب الإنسانية، بعد أن تخلت عنها ردحاً من الزمان كما قال تعالى: ﴿هُوَ اجتباكم وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين مِن قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرسول شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس... ﴾ [الحج: ٧٨].
فالكعبة المشرفة - زادها الله شرفاً وتعظيماً - هي رمز التوحيد - ومظهر الإيمان، وقبلة أبي الأنبياء إبراهيم خليل الرحمن وحولها تلتقي أفئدة الملايين من المؤمنين لأنها مظهر وحدتهم، وسرّ اجتماع كلمتهم، فلا عجب أن يأمرهم الله تعالى بالتوجه إليها في صلاتهم، أينما كانوا في مشارق الأرض ومغاربها كما قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ


الصفحة التالية
Icon