دليل المذهب الثالث:
واستدل من قال بأنه تطوع وليس بركنٍ ولا واجب بما يلي:
أ - قوله تعالى: ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ فبيّن أنه تطوع وليس بواجب، فمن تركه لا شيء عليه عملاً بظاهر الآية.
ب - حديث (الحج عرفة) قالوا: فهذا الحديث يدل على أنّ من أدرك عرفة فقد تمّ حجه، وهذا يقتضي التمام من جميع الوجوه، العمل ترك به في بعض الأشياء، فبقي العمل معمولاً به في السعي.
قال ابن الجوزي: «واختلفت الرواية عن إمامنا أحمد في السعي بين الصفا والمروة، فنقل الأثرم أنّ من ترك السعي لم يجزه حجه، ونقل أبو طالب: لا شيء في تركه عمداً أو سهواً، ولا ينبغي أن يتركه، ونقل الميموني أنه تطوع».
الترجيح: ورجّح صاحب «المغني» المذهب الثاني وقال: هو أولى لأن دليل من أوجبه دلّ على مطلق الوجوب، لا على كونه لا يتم الواجب إلا به، وقول عائشة مُعَارَضٌ بقول من خالفها من الصحابة.
أقول: الصحيح قول الجمهور لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ سعى بين الصفا والمروة وقال: «خذوا عني مناسككم» والاقتداء بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ واجب ودعوى من قال: إنه تطوع أخذاً بالآية غير ظاهر لأن معناها كما قال الطبري: أن يتطوع بالحج والعمرة مرة أخرى والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon