لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: المرادُ من الطيبات الرزقُ الحلال، فكل ما أحلّه الله فهو طيّب، وكلّ ما حرّمه فهو خبيث، قال عمر بن عبد العزيز: المراد (طيبُ الكسب لا طيبُ الطعام). ويؤيده الحديث الشريف:» إنّ الله طيّبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿ياأيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صَالِحاً﴾ [المؤمنون: ٥١] وقال: ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعثَ أغبر، يمدّ يديه إلى السماء يا ربّ يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنّى يُستجابُ له؟ «
فهذا هو بيان الطيّب من الرزق ببيان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولا عطر بعد عروس.
اللطيفة الثانية: قال أبو حيان: لمّا أباح تعالى لعباده أكل ما في الأرض من الحلال الطيّب، وكانت وجوه الحلال كثيرة، بيّن لهم ما حرّم عليهم لكونه أقل، فلما بيّن ما حرم بقي ما سوى ذلك على التحليل حتى يرد منع آخر، وهذا مثل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لمّا سئل عما يلبس المحرم فقال: «لا يلبس القميص ولا السروال»
فعدل عن ذكر المباح إلى ذكر المحظور، لكثرة المباح وقلة المحظور، وهذا من الإيجاز البليغ «.
اللطيفة الثالثة: في قوله تعالى: ﴿واشكروا للَّهِ﴾ إلتفات من ضمير المتكلم إلى الغيبة، إذ لو جرى على الأسلوب الأول لقال:»
واشكرونا «وفائدة هذا الالتفات تربية المهابة والروعة في القلوب.


الصفحة التالية
Icon