بالنفس... } قالوا: وهو عموم في إيجاب القصاص في سائر المقتولين، وشرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يرد ناسخ، ولم نجد ناسخاً.
ثالثاً: واستدلوا كذلك بقوله تعالى: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً﴾ [الإسراء: ٣٣] فإن هذه الآية انتظمت جميع المقتولين ظلماً، عبيداً كانوا أو أحراراً، مسلمين أو ذمّيين، وجُعل لوليهم سلطان وهو (القود) أي القصاص.
رابعاً: واستدلوا بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم» فيكن العبد مساوياً للحر.
خامساً: واستدلوا بحديث: «من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه، ومن خصاه خصيناه».
قالوا: فهذا نص على أن الحر يقتل بالعبد، لأن الإسلام لم يفرّق بين حر وعبد.
سادساً: واستدلوا بما رواه البيهقي من حديث عبد الرحمن البيلماني «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قتل مسلماً بمعاهد وقال:» أنا أكرم مَن وفّى بذمته «».
سابعاً: قالوا: ومما يدل على قتل المسلم بالذمي اتفاق الجميع على أنه يقطع إذا سرقه، فوجب أن يقاد منه، لأن حرمة دمه أعظم من حرمة ماله.
هذه هي خلاصة أدلة الفريقين: عرضناها باختصار، وسبب الخلاف في الحقيقة يرجع إلى اختلاف العلماء في فهم الآية، فالحنفية يقولون: إن صدر الآية مكتف بنفسه، وقد تم الكلام عند قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى﴾ وسائر الأئمة يقولون: لا يتم الكلام هاهنا، وإنما يتم عند قوله: ﴿والأنثى بالأنثى﴾ فهو تفسير له وتتميم لمعناه، والآية وردت لبيان التنويع والتقسيم.


الصفحة التالية
Icon