مناظرة لطيفة
ذكر العلامة أبو بكر ابن العربي في تفسيره «أحكام القرآن» هذه المناظرة اللطيفة فقال:
«ورد علينا بالمسجد الأقصى سنة سبع وثمانين وأربعمائة، فقيهٌ من عظماء أصحاب أبي حنيفة يعرف ب (الزوزني) زائراً للخليل صلوات الله عليه، فحضرنا في حرم الصخرة المقدسة - طهّرها الله - معه، وشهد علماء البلد، فسئل على العادة عن قتل المسلم بالكافر فقال: يُقتل به قصاصاً، فطولب بالدليل فقال: الدليل عليه قوله تعالى ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى﴾ وهذا عامٌ في كل قتيل.
فانتدب معه في الكلام فقيه الشافعية وإمامهم بها (عطاء المقدسي) وقال: ما استدل به الشيخ الإمام لا حجة له فيه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الله سبحانه قال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص﴾ فشرط المساواة في المجازاة، ولا مساواة بين المسلم والكافر، فإنّ الكفر حطّ منزلته، ووضع مرتبته.
الثاني: أنّ الله سبحانه ربط آخر الآية بأولها، وجعل بيانها عند تمامها فقال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى الحر بِالْحُرِّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى﴾ فإذا نقص العبد عن الحر بالرق - وهو من آثار الكفر - فأحرى وأولى أن ينقص عنه الكافر.
الثالث: أن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ ولا


الصفحة التالية
Icon