قال الشريف الرضي: «هذه استعارةٌ عجيبة، والمراد بها حتى يتبيّن بياضُ الصبحُ من سواد الليل، والخيطان هاهنا مجاز، وإنما شبّهها بذلك لأنّ بياض الصبح يكون في أول طلوعه مشرقاً خافياً، ويكون سواد الليل منقضياً موليّاً، فهما جميعاً ضعيفان، إلاّ أن هذا يزداد انتشاراً وهذا يزداد استسراراً».
روي أنه لما نزلت الآية «قال (عدي بن حاتم) أخذتُ عقالين: أبيض، وأسود فجعلتهما تحت وسادتي، وكنت أقوم من الليل فأنظر إليها، فلم يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحتُ غدوتُ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأخبرته فضحك وقال:» إنك لعريض القفا، إنما ذلك بياضُ النهار وسوادُ الليل «.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: هل فرض على المسلمين صيامٌ قبل رمضان؟
يدل ظاهر قوله تعالى: ﴿أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ﴾ على أن المفروض على المسلمين من الصيام إنما هو هذه الأيام (أيام رمضان) وإلى هذا ذهب أكثر المفسرين، وهو مروي عن ابن عباس والحسن، واختاره ابن جرير الطبري.
وروي عن قتادة وعطاء أن المفروض على المسلمين كان ثلاثة أيام من كل شهر، ثم فرض عليهم صوم رمضان، وحجتهم أن قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾ يدل على أنه واجب على التخيير، وأمّا صوم رمضان فإنه واجب على التعيين، فوجب أن يكون صوم هذه الأيام غير صوم رمضان.
واستدل الجمهور بأن قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام﴾ مجمل يحتمل


الصفحة التالية
Icon