كان مرضه كذلك؟ ولم يكلفنا الله جلّ وعلا إلاّ على حسب ما يكون في غالب الظن، فيكفي أن يظهر أن الصوم يكون سبباً للمرض، أو زيادة العّلة، أما الإطلاق فيه أو التضييق فأمرٌ يتنافى مع إرادة اليسر بالمكلفين.
قال القرطبي: «للمريض حالتان: إحداهما - ألاّ يطيق الصوم بحال فعليه الفطر واجباً.
الثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فهذا يستحب له الفطر، ولا يصوم إلا جاهل وقال جمهور العلماء: إذا كان به مرضٌ يؤلمه ويؤذيه، أو يخاف تماديه، أو يخاف زيادته صحّ له الفطر، واختلفت الرواية عن مالك في المرض المبيح للفطر، فقال مرة: هو خوف التلف من الصيام، وقال مرة: هو شدة المرض، والزيادة فيه، والمشقة الفادحة، وهذا صحيح مذهبه وهو مقتضى الظاهر»
.
الحكم الثالث: ما هو السفر المبيح للإفطار؟
وأما السفر المبيح للإفطار فقد اختلف الفقهاء فيه بعد اتفاقهم على أنه لا بدّ أن يكون سفراً طويلاً على أقوال:
أ - قال الأوزاعي: السفر المبيح للفطر مسافة يوم.
ب - وقال الشافعي وأحمد: هو مسيرة يومين وليلتين، ويقدر بستة عشر فرسخاً.
ج - وقال أبو حنيفة والثوري: مسيرة ثلاثة أيام بلياليها ويقدر بأربعة وعشرين فرسخاً.
حجة الأوزاعي:
أنّ السفر أقل من يوم سفرٌ قصير قد يتفق للمقيم، والغالب أن المسافر


الصفحة التالية
Icon