مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} والمعنى: فعليه عدة من أيام أخر، وهذا يقتضي الوجوب. وبقوله عليه السلام: «ليس من البر الصيام في السفر» وقد روي هذا عن بعض علماء السلف.
وذهب الجمهور وفقهاء الأمصار إلى أن الإفطار رخصة، فإن شاء أفطر وإن شاء صام واستدلوا بما يلي:
١ - قالوا: إن في الآية إضماراً تقديره: فأفطر فعليه عدة من أيام أخر، وهو نظير قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضرب بِّعَصَاكَ الحجر فانفجرت﴾ [البقرة: ٦٠] والتقدير: فضرب فانفجرت، وكذلك قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦] أي فحلق فعليه فدية والإضمار في القرآن كثير لا ينكره إلا جاهل.
ب - واستدلوا بما ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالخبر المستفيض أنه صام في السفر.
ج - وبما ثبت عن أنس قال: «سافرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في رمضان، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم».
د - وقالوا: إن المرض والسفر من موجبات اليسر شرعاً وعقلاً، فلا يصح أن يكونا سبباً للعسر.
وأما ما استدل به أهل الظاهر من قوله عليه السلام «ليس من البر الصيام في السفر» فهذا واردٌ على سبب خاص وهو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رأى رجلاً يظلّل والزحام عليه شديد فسأل عنه فقالوا: صائم أجهده العطش فذكر الحديث.


الصفحة التالية
Icon