الترجيح: ولعلّ ما ذهب إليه الحنفية يكون أرجح لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمر عائشة وحفصة بصيام يوم مكانه وهو نص في وجوب القضاء والله أعلم.
الحكم الرابع عشر: ما هو الاعتكاف وفي أي المساجد يعتكف؟
قال الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ: الاعتكاف اللغوي: ملازمةُ المرء للشيء وحبسُ نفسه عليه، براً كان أو إثماً قال تعالى: ﴿يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ لَّهُمْ﴾ [الأعراف: ١٣٨].
والاعتكاف الشرعي: المكث في بيت الله بنيّة العبادة، وهو من الشرائع القديمة قال الله تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ والقآئمين﴾ [الحج: ٢٦] وقال تعالى: ﴿وَلاَ تباشروهن وَأَنْتُمْ عاكفون فِي المساجد﴾ ويشترط في الاعتكاف أن يكون في المسجد لقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عاكفون فِي المساجد﴾ وقد وقع الاختلاف في المسجد الذي يكون فيه الاعتكاف على أقوال:
أ - فقال بعضهم: الاعتكاف خاصٌ بالمساجد الثلاثة (المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى) وهي مساجد الأنبياء عليهم السلام، واستدلوا بحديث: «لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد..» الحديث وهذا قول سعيد بن المسيّب.
٢ - وقال بعضهم: لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الجماعة، وهو قول ابن مسعود وبه أخذ الإمام مالك رَحِمَهُ اللَّهُ في أحد قوليه.
٣ - وقال الجمهور: يجوز الاعتكاف في كل مسجد من المساجد لعموم قوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عاكفون فِي المساجد﴾ وهو الصحيح لأن الآية لم تعيّن مسجداً مخصوصاً فيبقى اللفظ على عمومه.
قال أبو بكر الجصاص: «حصل اتفاق جميع السلف أنّ من شرط الاعتكاف أن يكون في المسجد، على اختلاف منهم في عموم المساجد وخصوصها، وظاهر قوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عاكفون فِي المساجد﴾ يبيح الاعتكاف في سائر


الصفحة التالية
Icon