وأما المكان: الذي يذبح فيه هدي الإحصار فقد اختلف العلماء فيه على أقوال:
فقال الجمهور (الشافعي ومالك وأحمد) : هو موضع الحصر، سواءً كان حلاً أو حرماً.
وقال أبو حنيفة: لا ينحره إلا في الحرم لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق﴾ [الحج: ٣٣].
وقال ابن عباس: إذا كان يستطيع البعث به إلى الحرم وجب عليه، وإلاّ ينحره في محل إحصاره.
قال الإمام الفخر: «ومنشأ الخلاف البحث في تفسير هذه الآية، فقال الشافعي: المحِلّ في هذه الآية اسم للزمان الذي يحصل فيه التحلل، وقال أبو حنيفة: إنه اسم للمكان».
الترجيح: والراجح رأي الجمهور اقتداءً برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حيث أحصر بالحديبية ونحر بها وهي ليست من الحرم، فدلّ على أن المحصر ينحر حيث يحل في حرمٍ أو حل، وأما قوله تعالى: ﴿هَدْياً بَالِغَ الكعبة﴾ [المائدة: ٩٥] وقوله: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق﴾ [الحج: ٣٣] فذلك - كما يقول الشوكاني - في الآمن الذي يمكنه الوصول إلى البيت، والله تعالى أعلم.
الحكم الرابع: ما هو حكم المتمتع الذي لا يجد الهدي؟
دل قوله تعالى: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج فَمَا استيسر مِنَ الهدي﴾ على وجوب دم الهدي على المتمتع، فإذا لم يجد الدم - إما لعدم المال، أو


الصفحة التالية
Icon