وقوله تعالى: ﴿أَإِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ [الصافات: ٥٣] أي مجزيّون محاسبون، ومنه الديّان في صفة الله عَزَّ وَجَلَّ قال لبيد:

حصادك يوماً ما زرعت وإنما يُدان الفتى يوماً كما هو دائن
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ : نعبدُ: نذلّ ونخشع ونستكين، لأن العبودية معناها: الذلّة والاستعانة، مأخوذ من قولهم: طريق معبّد أي مذلّل وطئته الأقدام، وذلّلته بكثرة الوطء، حتى أصبح ممهداً.
قال الزمخشري: العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل، ومنه ثوبٌ ذو عَبَدة إذا كان في غاية الصفاقة وقوة النسج، ولذلك لم تستعمل إلاّ في الخضوع لله تعالى، لأنه مولى أعظم النعم. فكان حقيقاً بأقصى غاية الخضوع.
والمعنى: لك اللهمّ نذل ونخضع ونخصك بالعبادة لأنك المستحق لكل تعظيم وإجلال، ولا نعبد أحداً سواك.
﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ : الاستعانة: طلب العون، قال الفراء: أعنتهُ إعانةً، واستعنتهُ واستعنت به، وفي الدعاء: ربّ أعنّي ولا تُعِنْ عليّ، ورجل معوان: كثير الإعانة للناس، وفي حديث ابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)
والمعنى: إيّاك ربنا نستعين على طاعتك وعبادتك في أمورنا كلها، فلا يملك القدرة على عوننا أحد سواك، وإذا كان من يكفر بك يستعين بسواك، فنحن لا نستعين إلا بك.


الصفحة التالية
Icon