وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السبيل} [المائدة: ٧٧].
وقال بعض المفسّرين: الأولى أن يُحمل ﴿المغضوب عَلَيْهِم﴾ على كلّ من أخطأ في الأعمال الظاهرة وهم الفُساق، ويُحمل ﴿الضالّون﴾ على كل من أخطأ في الاعتقاد، لأنّ اللفظ عامٌ، والتقييد خلاف الأصل، والمنكرون للصانع والمشركون أخبثُ ديناً من اليهود والنّصارى، فكان الاحتراز عن دينهم أولى، وهذا اختيار الإمام الفخر.
وقد ردّه الألوسي لأن تفسير المغضوب عليهم والضالين ب (اليهود والنصارى) جاء في الحديث الصحيح المأثور فلا يُعتد بخلافه.
وقال القرطبي: «جمهور المفسّرين أن المغضوب عليهم اليهود، والضالين النصارى، وجاء ذلك مفسّراً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في حديث (عديّ بن حاتم) وقصة إسلامه».
وقال أبو حيان: وإذا صحّ هذا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وجب المصير إليه.
أقول: ما ذكره الفخر الرازي ليس فيه ردّ للمأثور، بل إنّه عمّم الحكم فجعله شاملاً لليهود والنصارى ولجميع من انحراف عن دين الله، وضلّ عن شرعه القويم، حيث يدخل في اللفظ جميع الكفّار والمنافقين، وإليك نصّ كلام الإمام «الفخر».
قال رَحِمَهُ اللَّهُ: «ويحتمل أن يقال المغضوب عليهم هم الكفّار، والضّالون هم المنافقون، وذلك لأنه تعالى بدأ بذكر المؤمنين والثناء عليهم في خمس آياتٍ من أوّل البقرة، ثم أتبعه بذكر الكفار، ثمّ أتبعه بذكر