وقال مالك والشافعي وأحمد: لا تطلق بمضي المدة وإنما يؤمر الزوج بالفيئة (الرجوع عن يمينه) أو بالطلاق، فإذا امتنع الزوج منهما طلقها الحاكم عليه.
حجة أبي حنيفة: أن الله تعالى حدّد المدة للفيء بأربعة أشهر، فإذا لم يرجع عن يمينه في هذه المدة فكأنه أراد طلاقها وعز عليها، والعزيمة في الحقيقة إنما هي عقد القلب على الشيء تقول: عزمت على كذا أي عقدت قلبي على فعله فهذا هو المراد من قوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق﴾ أي عقدوا عليه قلوبهم، ولم تشترط الآية أن يطلق بالفعل.
حجة الجمهور: أن قوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق﴾ صريح في أنّ وقوع الطلاق إنما يكون بإيقاع الزوج، فلا يكفي المدة بل لا بدّ بعدها من الفيء أو الطلاق.
قال الشوكاني في تفسيره «فتح لقدير» :«واعلم أن أهل كل مذهب قد فسّروا هذه الآية بما يطابق مذهبهم، وتكلفوا بما لم يدّل عليه اللفظ، ومعناها ظاهر واضح، وهو أن الله جعل الأجل لمن يؤلي: أي يحلف من امرأته أربعة أشهر، ثم قال مخبراً عباده بحكم هذا (المؤلي) بعد هذه المدة (فإن فاءوا) أي رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح ﴿فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي لا يؤخذهم بتلك اليمين بل يغفر لهم ويرحمهم ﴿وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق﴾ أي وقع العزم منهم عليه والقصد له ﴿فَإِنَّ الله سَمِيعٌ﴾ لذلك منهم ﴿عَلِيمٌ﴾ به، فهذا معنى الآية الذي لا شك فيه ولا شبهة».
الحكم الثالث: هل يشترط في اليمين أن تكون للإضرار؟
قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: يصح الإيلاء في حال الرضا والغضب.


الصفحة التالية
Icon