أقدم منه وقد عدّد الله من مزايا هذا البيت ما يستحق تفضيله على جميع المساجد وأماكن العبادة، فهو أول المساجد، وهو قبلة الأنبياء، وهو بلد الأمن والاستقرار وفيه الآيات البينات: الصفا، والمروة، وزمزم، والحطيم، والحجر الأسود، ومقام إبراهيم، وفوق ذلك فأنّ الله عَزَّ وَجَلَّ خصّه بخصائص فجعله مركز الهداية والنور وفرض الحج إليه، يأتيه الناس من أقطار الدنيا ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، أفلا يكفي برهاناً على شرف هذا البيت وأحقيته أن يكون قبلة للمسلمين؟!
ذكر (القرطبي) في «تفسيره» عن (مجاهد) أنه قال: «تفاخر المسلمون واليهود، فقالت اليهود: بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة، لأنه مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدسة، وقال المسلمون بل الكعبة أفضل فأنزل الله هذه الآية.
«وجه الارتباط بالآيات السابقة»
كانت الآيات من أول سور «آل عمران» إلى هنا في تقرير الدلائل الدالة على نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مع إثبات الوحدانية، وقد تبع ذلك محاجة أهل الكتاب ودحض شبههم، وتفنيد ما استحدثوه في دينهم من بدعٍ وأهواء ما أنزل الله بها من سلطان.. أما هذه الآيات من قوله تعالى: ﴿كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ﴾ [آل عمران: ٩٣] فقد جاءت لدفع شبهتين من شبه اليهود التي كانوا يثيرونها لإفساد عقائد الناس.
الشبهة الأولى: إنهم قالوا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إنك تدَّعي أنك على ملة إبراهيم،