ويفرطوا في انفاقها، ويقولوا: ننفق كما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا، فمن كان غنياً فليكفّ عن مال اليتيم، ومن كان فقيراً فليأكل بقدر الحاجة، فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم لئلا يجحدوا تسلمها وكفى بالله محاسباً ورقيباً. ثم بيّن تعالى أن للرجال نصيباً من تركة أقربائهم، كما للنساء، فرضها الله لهم بشرعه العادل وكتابه المبين، وأمر بإعطاء أولي القربى واليتامى والمساكين من غير الوارثين شيئاً من هذه التركة تطييباً لخاطرهم وإحساناً إليهم.
ثم حذَّر تعالى الأوصياء من الظلم للأيتام الذين جعلهم الله تحت رعايتهم ووصايتهم، وأمرهم بالإحسان إليهم، فكما يخشى الإنسان على أولاده الصغار الضعاف بعد موته، عليه أن يتقي الله في هؤلاء الأيتام فكأنه تعالى يقول: افعلوا باليتامى، كما تحبون أن يفعل بأولادكم من بعدكم.
ثم ختم تعالى الآيات ببيان جزاء الظالمين الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً وعدواناً، وبيّن أنهم إنما يأكلون ناراً تتأجج في بطونهم يوم القيامة، وسيدخلون السعير وهي نار جهنم المستعرة أعاذنا الله منها.
سبب النزول
أولاً: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء، ولا الولدان الصغار شيئاً، ويجعلون الميراث للرجال الكبار فأنزل الله ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون... ﴾ الآية.