أرشدت الآية إلى قاعدة عامة لا في النساء خاصة بل في جميع الأشياء، وهذا هو السر في قوله: ﴿وعسى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً﴾ ولم يقل: وعسى أن تكرهوا امرأة مع أن الوصية في الآية حول الإحسان إلى النساء، فتدبره فإنه دقيق.
اللطيفة الثانية: كنى الله عَزَّ وَجَلَّ عن الجماع بلفظ الإفضاء ﴿وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ﴾ وهي كناية لطيفة مثل (الملامسة، والمماسة، والقربان، والغشيان) وكلها كنايات عن الجماع، وفي ذلك تعليم للأمة الأدب الرفيع ليتخلقوا بأخلاق القرآن قال ابن عباس: «الإفضاء في هذه الآية الجماع ولكنّ الله كريم يكني» والكناية إنما تكون فيم لا يحسن التصريح به.
اللطيفة الثالثة: قال القرطبي: «خطب عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فقال:» أيها الناس لا تغالوا في صدقات النساء (مهورهن) فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ما أصدق امرأة من نسائه ولا أحداً من بناته فوق اثنتي عشرة أوقية، فقامت إليه امرأة فقالت: يا عمر، يعطينا الله وتحرمنا؟ يقول الله سبحانه وتعالى ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ فقال رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أصابت امرأة وأخطأ عمر، كلّ الناس أفقه منك يا عمر وترك الإنكار «.
اللطيفة الرابعة: قال صاحب» الكشاف «:» الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة، ووصفه بالغلظة لقوته وعظمته، فقد قالوا: صحبة عشرين يوماً قرابة، فكيف بما جرى بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج... «
قال الشهاب الخفاجي: بل صحبة يوم قرابة وقد قالوا:
صحبةُ يوم نسبٌ قريبُ... وذمةٌ يعرفها اللبيبُ