والمس عن الجماع وهما في معنى اللمس».
الترجيح: ولعل هذا الرأي يكون أرجح، لأنّ به يمكن التوفيق بين الآية الكريمة والآثار السابقة، ولأنه قد تعورف عند إضافة المس إلى النساء معنى الجماع، حتى كاد يكون ظاهراً فيه، كما أن الوطء حقيقته المشي بالقدم، فإذا أضيف إلى النساء لم يفهم منه غير الجماع والله أعلم.
الحكم الرابع: ما المراد بالصعيد الطيب في الآية الكريمة؟
اختلف أهل اللغة في معنى الصعيد فقال بعضهم: إنه التراب، وقال بعضهم: إنه وجد الأرض تراباً كان أو غيره، وقال آخرون: هو الأرض الملساء التي لا نبات فيها ولا غراس. وبناءً على هذا الاختلاف اللغوي اختلف الفقهاء فيما يصح به التيمم.
أ - فقال أبو حنيفة: يجوز التيمم بالتراب وبالحجر وبكل شيء من الأرض ولو لم يكن عليه تراب.
ب - قال الشافعي: بل لا بدّ من التراب الذي يلتصق بيده، فإذا لم يوجد التراب لم يصح التيمم.
حجة أبي حنيفة: احتج أبو حنيفة بظاهر هذه الآية فقال: التيمم هو القصد، والصعيد ما تصاعد من الأرض فقوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً﴾ أي اقصدوا أرضاً طاهرة، فوجب أن يكون هذا القدر كافياً، واشترط تلميذه (أبو يوسف) أن يكون المتيمَم به تراباً أو رملاً.
حجة الشافعي: واحتج الشافعي من جهتين: الأول أن الله تعالى أوجب كون الصعيد طيباً، والأرض الطيبة هي التي تُنبت، بدليل قوله تعالى: ﴿والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ [الأعراف: ٥٨] فوجب في التي لا تنبت أن لا تكون طيبة.
والثاني: أن الآية مطلقة هنا، ومقيدة في سورة المائدة بكلمة (منه) في


الصفحة التالية
Icon