من نفي الفعل كقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله﴾ [الأحزاب: ٥٣] وقوله: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله﴾ [التوبة: ١٧] فهو استبعاد للفعل بطريق البرهان كأنه يقول: ليس من شأن المؤمن من حيث هو مؤمن أن يقتل أحداً من أهل الإيمان، إذ لا يتصور أن يصدر منه مثل هذا العفل لأن إيمانه - وهو الحاكم على تصرفه وإرادته - يمنعه من اجتراح القتل عمداً، ولكنه قد يقع منه ذلك خطأً.
اللطيفة الثانية: في قوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ مجاز مرسل علاقته (الجزئية) أطلق الرقبة وقصد به المملوك من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل كقوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] وهو مجاز مشهور.
اللطيفة الثالثة: التعبير بهذا الأسلوب اللطيف ﴿إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ﴾ وتسمية العفو بالصدقة، فيه حثٌ على فضيلة العفو، وتنبيه الأولياء إلى أنّ عفوهم عن القاتل، وعدم أخذ الدية هو في نفسه صدقة وهو من مكارم الأخلاق التي يرغب فيها الإسلام.
اللطيفة الرابعة: وردت عقوبة قتل المؤمن عمداً في غاية التغليظ والتشديد ﴿فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خالدا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ فقد حكمت الآية على القاتل بعقوبات ثلاث: ١ - الخلود في جهنم ٢ - واستحقاق الغضب واللعنة ٣ - والعذاب الشديد الذي أعده الله له في الآخرة، ولهذا جاء في الحديث الشريف:
«لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مؤمن» وفي الحديث أيضاً: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيسٌ من رحمة الله» ولهذا أفتى ابن عباس بعدم قبول توبة القاتل.
قال صاحب «الكشاف» :«والعجب من قوم يقرؤون هذه الآية ويرون ما فيها، ويسمعون هذه الأحاديث العظيمة، وقول ابن عباس يمنع التوبة،


الصفحة التالية
Icon