إليّ طعمة، فقال قوم طعمة: انطلقوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وليجادل عن صحابنا فإنه بريء، فأتوه فكلّموه في ذلك فنزلت هذه الآيات ﴿إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق﴾.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: التعبير بقوله تعالى: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا﴾ ليس للشرط وإنما خرج الكلام مخرج الغالب، إذ كان الغالب على المسلمين الخوف في الأسفار، ولهذا قال (يَعْلَى بن أمية) لعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: ما لنا نقصر وقد أمّنا؟ فقال عمر: عجبتُ مما عجبتَ منه فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن ذلك فقال: «صدقةٌ تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته».
اللطيفة الثانية: أمر تعالى المجاهدين حين شروعهم بالصلاة بعدم طرح الأسلحة، وعبّر عن ذلك بالأخذ (وليأخذوا أسلحتهم) للإيذان بالاعتناء بضرورة الحذر من الكافرين، والتنبيه على ضرورة اليقظة وعدم التساهل في الأخذ بالأسباب.
اللطيفة الثالثة: «روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غزا محاراً مع أصحابه، فنزلوا وادياً ولا يرون من العدوّ أحداً، فوضع الناس أسلحتهم وخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لحاجة له، فلما قطع طرف الوادي بصرَ به (غورث بن الحارث) فانحدر من الجبل وهو السيف، فلم يشعر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلا وهو قائم على رأسه يقول: قتلني الله إن لم أقتلك وقد سلّ سيفه من غمدة فقال يا محمد: من يعصمك منيّ الآن؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: الله عَزَّ وَجَلَّ، فأهوى بالسيف عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليضربه فزلقت رجله وسقط على الأرض، فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ السيف وقال: من يمنعك مني الآن يا غورث؟ فقال: لا أحد، كن


الصفحة التالية
Icon