أنها آية من (فاتحة الكتاب) أو ليست بآية منها، ولم يعدّها أحد آية من سائر السور».
ثم قال: «ومما يدل على أنها ليست من أوائل السور، ما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له ﴿تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك﴾ [الملك: ١] » واتفق القرّاء وغيرهم أنها ثلاثون سوى (بسم الله الرحمن الرحيم) فلو كانت منها كانت إحدى وثلاثين وذلك خلاف قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. ويدل عليه أيضاً اتفاق جميع قرّاء الأمصار وفقهائهم على أن سورة (الكوثر) ثلاث آيات، وسورة (الإخلاص) أربع آيات، فلو كانت منها لكانت أكثر ممّا عدّوا «.
الترجيح:
وبعد استعراض الأدلة وما استدل به كل فريق من أئمة المذاهب نقول: لعلّ ما ذهب إليه الحنفية هو الأرجح من الأقوال، فهو المذهب الوسط بين القولين المتعارضين، فالشافعية يقولون إنها آية من الفاتحة ومن أول كل سورة في القرآن، والمالكية يقولون: ليست بآية لا من الفاتحة ولا من القرآن ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ [البقرة: ١٤٨] ولكنْ إذا أمعنا النظر وجدنا أن كتابتها في المصحف، وتواتر ذلك بدون نكير من أحد - مع العلم بأنّ الصحابة كانوا يجرّدون المصحف من كل ما ليس قرآناً - يدلّ على أنها قرآن، لكن لا يدل على أنها آية من كل سورة، أو آية من سورة الفاتحة بالذات، وإنما هي آية من القرآن وردت للفصل بين السور، وهذا ما أشار إليه حديث ابن عباس السابق (إنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان لا يعرف فصل السور حتى ينزل عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم) ويؤكد أنها ليست من أوائل


الصفحة التالية
Icon