وأما اعتبار الحرز فلقوله عليه السلام:» لا قطع في ثَمَر معلق ولا في حريسة جبل، فإذا أواه المُرَاحُ أو الجرينُ فالقطع فيما بلغ ثمن المجن «.
والحرز هو ما نصب عادةً لحفظ أموال الناس كالدور والخيم والفسطاط، التي يسكنها الناس ويحفظون أمتعتهم بها، وقد يكون الحرز بالحافظ الذي يجلس ليحفظ متاعه، فإذا كان الحافظ قطع لما روي عن (صفوان بن أمية) أنه قال: كنت نائماً في المسجد على خميصة (عباءة أو ما أشبهها) لي ثمن ثلاثين درهماً، فجاء رجلٌ فاختلسها مني، فأخذت الرجل فأتيت به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأمر به ليقطع، فقلت: اتقطعه من أجل ثلاثين درهماً؟ أنا أبيعه وأُنْسئه ثمنها، قال: فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به» ؟
وأما اعتبار عدم الشبهة فلما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «أدرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم» وقد اشتهر هذا فأصبح كالمعلوم بالضرورة، فلا يقطع العبد إذا سرق من مال سيده، ولا الأب من مال ابنه، ولا الشريك من شريكه، ولا الدائن من مدينة لوجود الشبهة.
الحكم الخامس: من أين تقطع يد السارق؟
دل قوله تعالى: ﴿فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا﴾ على وجوب قطع اليد في السرقة، وقد أجمع الفقهاء على أن اليد التي تقطع هي (اليمنى) لقراءة ابن مسعود (فاقطعوا أيمانهما).
ثم اختلفوا من أين تقطع اليد فقهاء الأمصار تقطع من المفصل (مفصل الكف) لا من المرفق، ولا من المنكب، وقال الخوارج: تقطع إلى المنكب، وقال قوم: تقطع الأصابع فقط.
حجة الجمهور ما روي «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قطع يد السارق من الرسغ»،