في الآية إضمار الحنث فكأنه تعالى يقول: فكفارته إذا حنثتم، وهو على حد قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] أي إذا أفطر في رمضان، واستدلوا بما روي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه».
واستدلوا أيضاً بالمعقول فقالوا: إن الكفارة إنما تجب لرفع الإثم، وإذا لم يحنث لم يكن هناك إثم حتى يرفع فلا معنى للكفارة.
واستدلوا أيضاً بأن كل عبادة فعلت قبل وجوبها لم تصحّ اعتباراً بالصلوات وسائر العبادات، وهذا القول في رواية أشهب عن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ.
الحكم الثالث: هل يشترط التتابع في صيام كفارة اليمين؟
نصت الآية الكريمة على جواز الصيام عند العجز عن الإطعام، وقد اختلف الفقهاء في الصيام هل يشترط فيه التتابع أم يجزئه التفريق؟
أ - فذهب الحنفية إلى اشتراط التتابع لقراءة ابن مسعود (فصيامُ ثلاثة أيام متتابعات) وهو مروي عن عباس ومجاهد.
ب - وذهب الشافعية إلى عدم اشتراط التتابع، وأنه يجزئ التفريق فيها وهو قول مالك.
قال القرطبي: «فإذا لم يجد الإطعام أو الكسوة أو عتق الرقبة صيام لقوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ﴾ قرأها ابن مسعود (متتابعات) فيقيّد بها المطلق، وبه قال أبو حنيفة والثوري، وهو أحد قولي الشافعي. واختاره المزني قياساً على الصوم في (كفارة الظهار).
وقال مالك والشافعي في قوله الآخر: يجزئه التفريقُ، لأن التتابع صفة لا تجب إلاّ بنص، أو قياس منصوص وقد عُدما»
.


الصفحة التالية
Icon