اللطيفة الرابعة: التعبير بقوله تعالى: ﴿فعسى أولئك أَن يَكُونُواْ مِنَ المهتدين﴾ في جانب المؤمنين، يؤخذ منه قطع طماعية المشركين في الانتفاع بأعمالهم التي استعموها وافتخروا بها، حيث بيّن تعالى أن حصول الإهتداء لمن آمنوا بالله ولم يخشوا غيره دائرٌ بين (لعلّ) و (عسى) وإذا كان هذا حال المؤمنين، فكيف يطمع المشركون بالهداية والفوز وهم على ما هم عليه من كفر وإشراك؟!
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: ما المراد بعمارة المساجد في الآية الكريمة؟
ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بعمارة المساجد هو بناؤها وتشييدها وترميم ما تهدم منها، وهذه هي (العمارة الحسية) ويدل عليه قوله عليه السلام: «من بنى الله مسجداً ولو كمِفْحَص قطاة بني الله له بيتاً في الجنة».
وقال بعضهم: المراد عمارتها بالصلاة والعبادة وأنواع القربات كما قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه﴾ [النور: ٣٦] وهي هي (العمارة المعنوية) التي هي الغرض الأسمي من بناء المساجد، ولا مانع أن يكون المراد بالآية النوعين (الحسية) و (المعنوية) وهو اختيار جمهور العلماء لأن اللفظ يدل عليه، والمقام يقتضيه.
قال أبو بكر الجصاص: «وعمارة المسجد تكون بمعنيين: أحدهما: زيارته والمكث فيه، والآخر: بناؤه وتجديد ما استرم منه، وذلك لأنه يقال: اعتمر إذا زار، ومنه العمرة لأنها زيارة البيت، وفلان من عُمّار المساجد إذا كان كثير المضيّ إليها، فاقتضت الآية منع الكفار من دخول المساجد،