ولكنّ الفقهاء على خلاف ذلك فقد ذهبوا إلى أن أبدانهم طاهرة، لأنهم لو أسلموا كانت أجسامهم طاهرة بالإجماع، مع أنه لم يوجد ما يطهرها من الماء أو النار أو التراب أو ما شابه ذلك، والآية لا تدل على نجاسة الظاهر وإنما يدل على نجاسة الباطن، ولا شك أنهم لا يتطهرون، ولا يغتسلون، ولا يجتنبون النجاسات، فجعلوا نجساً مبالغة في وصفهم بالنجاسة.
الترجيح: الصحيح رأي الجمهور لأن المسلم له أن يتعامل معهم، وقد كان عليه السلام يشرب من أواني المشركين، ويصافح غير المسلمين والله أعلم.
الحكم الثالث: هل يمنع المشرك من دخول المسجد؟
دلّ قوله تعالى: ﴿فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام﴾ على منع المشركين من دخول المسجد الحرام، وقد اختلف العلماء في المراد من لفظ (المسجد الحرام) على أقوال عديدة:
أ - المراد خصوص المسجد الحرام أخذاً بظاهر الآية وهو مذهب الشافعية.
ب - المراد الحرم كلّه (مكة) وما حولها من الحرم وهو قول عطاء ومذهب الحنابلة.
ج - المراد المساجد جميعاً المسجد الحرام بالنص وبقية المساجد بالقياس وهو مذهب المالكلية.
د - المراد النهي عن تمكينهم من الحج والعمرة وهو مذهب الحنفية.
دليل الشافعي: احتج الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ بظاهر الآية ﴿فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام﴾ فقال: الآية خاصة في المسجد الحرام. عامة في الكفار. فأباح دخول غير المسلمين سائر المساجد. ومنع جميع الكفار من دخول المسجد الحرام.
دليل أحمد: واستدل الإمام أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ بأن لفظ (المسجد الحرام)