وقد كانت الغنائم محرمة على الأمم السابقة فأحلها الله لهذه الأمة رحمة بها وتيسيراً عليها، وعوناً لها على الجهاد في سبيل الله، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي» فلا تختلفوا أيها المؤمنون في شأنها ولا تتنازعوا في أمرها وأطيعوا الله ورسوله في كل ما يأمركم به، واجتنبوا نواهيه في كل ما يحذركم عنه، حتى تنالوا الدرجات العالية في الجنة وتكونوا من المؤمنين الصادقين في دعوى الإيمان. ثم بين الله عَزَّ وَجَلَّ أوصاف المؤمنين وختما بما أعده لهم من الجزاء الكريم في الآخرة في دار النعيم التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اللهم اجعلنا من السعداء الأبرار وأكرم نزلنا في دار القرار إنك سميع مجيب الدعاء.
سبب النزول
أولاً: عن عبادة بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: «نزلت فينا معشر أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا فجعله لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقسمه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بين المسلمين على السواء، وكان في ذلك تقوى الله، وطاعة رسوله، وإصلاح ذات البين».
ثانياً: وروى «أبو داود» عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أنه قال «» لما كان يوم بدر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: من صنع كذا وكذا فله من النفل كذا وكذا فتسارع في ذلك شبان القوم وبقي الشيوخ تحت الرايات فلما كانت المغانم جاءوا يطلبون الذي جعل لهم فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فإنا كنا رِدْءاً لكم لو انكشفتم لثُبْتم إلينا فتنازعوا «فأنزل الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال﴾ الآية.
ثالثاً: وروى الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه