﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنس يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجن فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾ [الجن: ٦] ولهذا اشتهر السّحر عن طريق الاتصال بهذه الأرواح الخبيثة.
أخرج ابن جرير والحاكم عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أنه قال:
«إنّ الشياطين كانوا يسترقون السّمع من السّماء، فإذا سمع أحدهم بكلمة، كذب عليها ألف كذبة، فأشربتها قلوب الناس واتخذوها دواوين، فأطلع الله على ذلك» سليمان بن داود «فأخذها وقذفها تحت الكرسي، فلمّا مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال: ألا أدلكم على كنز سليمان الذي لا كنز لأحدٍ مثل كنزه الممنّع؟ قالوا: نعم فأخرجوه فإذا هو سحر، فتناسختها الأمم فأنزل الله تعالى عذر سليمان فيما قالوا من السحر».
اللطيفة الخامسة: عبّر القرآن الكريم عن (السحر) ب (الكفر) في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سليمان﴾ وسياقُ اللفظ يدل على أن المراد منه السحر أي: وما سحر سليمان وإنما عبّر عنه بالكفر تقبيحاً وتشنيعاً، كما قال تعالى فيمن ترك الحجّ مع القدرة عليه ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين﴾ [آل عمران: ٩٧].
وفي هذا التعبير تنفير للناس من السحر، ودلالة على أنه من الكبائر الموبقات، بل هو قرين الكفر والإشراك بالله، وقد دلّ عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ﴾.
اللطيفة السادسة: روي أنّ رجلاً تكلّم بكلام بليغ عند (عمر بن عبد العزيز) فقال عمر: هذا والله السّحر الحلال. ورُوي «أنّ (الزبرقان بن بدر) و (عَمْر بن الأهتم) و (قيس بن عاصم) قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال لعَمْرو: خبّرني عن الزبرقان؟ فقال: مُطاع في ناديه، شديد العارضة، مانعٌ لما وراء ظهره.. فقال الزبرقان: هو والله يعلمُ أني أفضلُ


الصفحة التالية
Icon