مع جلاله بصيغة الجمع كيف يكون علو شأنه» وحين سمعها أبو بكر قال: بلى أحب أن يغفر الله لي. وأعاد النفقة إلى مسطح.
اللطيفة الرابعة: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ قال العلامة ابن الجوزي: فإن قيل: لم أقتصر على ذكر المحصنات دون الرجال؟
فالجواب أنّ من رمى مؤمنة فلا بدّ أن يرمي معها مؤمناً، فاستغني عن ذكر المؤمنين. ومثله قوله تعالى: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر﴾ [النحل: ٨١] أراد: والبرد، قاله الزجاج.
اللطيفة الخامسة: ذكر الله تعالى في أول السورة المحصنات بقوله: ﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ﴾ [النور: ٤] ولم يقيّد المحصنات هناك بوصفٍ وأما هنا فقد قيّده بأوصاف عديدة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات الغافلات المؤمنات﴾ والسرُّ في هذا أن هذه الآيات خاصة بأمهات المؤمنين، رضوان الله عليهن أجمعين، وتدخل السيدة عائشة فيهن دخولاً أولياً، فاتهام هؤلاء الأزواج الطاهرات إتهام ل (بيت النبوّة)، وإيذاء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ ولهذا قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، حين قرأ سورة النور ففسّرها فلما أتى على هذه الآية ﴿إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات الغافلات المؤمنات﴾ قال: هذه في (عائشة) وأزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة، وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات، من غير أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ التوبة، ثم تلا هذه الآية ﴿لُعِنُواْ فِي الدنيا والآخرة وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ فهمّ بعض القوم أن يقوم إلى ابن عباس فيقبّل رأسه لحسن ما فسّره.
اللطيفة السادسة: أشارت الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ﴿الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون للخبيثات﴾ إلى مبدأ هام من مبادئ الحياة الاجتماعية، وهو أن النفوس الخبيثة لا تلتئم إلا مع النفوس الخبيثة من مثلها، والنفوس الطيبة