وقد اختلف الفقهاء في حكم الإيتاء هل هو واجب؟ وفي مقداره؟ على مذهبين:
١ - مذهب (الشافعية والحنابلة) : أنه واجب وقدّره أحمد بربع بمال الكتابة... وقال الشافعي: ليس محدوداً ويكفي في أقل شيء يقع عليه اسم المال.
٢ - مذهب (المالكية والأحناف) : أنه ليس بواجب وأنّ هذا الأمر على الندب.
حجة الشافعية والحنابلة:
أ - ظاهر قوله تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله﴾ والأمر للوجوب.
ب - واستدلوا بما روي أن عمر بن الخطاب كاتب غلاماً يقال له (أبو أمية) فجاءه بنجمةِ حين حلّ فقال: اذهب يا أبا أمية فاستعن به في مكاتبتك، قال: يا أمير المؤمنين: لو أخّرته حتى يكون في آخر النجوم؟ فقال: يا أبا أمية: إني أخاف أن لا أدرك ذلك ثم قرأ: ﴿وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله الذي آتَاكُمْ﴾.
قال عكرمة: وكان ذلك أول نجمٍ أُدّي في الإسلام.
حجة المالكية والحنفية:
١ - احتج المالكية والحنفية بأن الأمر في الكتابة للندب فكيف يكون الأمر بالإيتاء للوجوب؟ وقالوا: قد جاء في الآية أمرانِ (فكاتبوهم) و (آتوهم) فإمّا أن يكونا للوجوب، أو للندب.
قال ابن العربي: ولو أن الشافعي حين قال: إن الإيتاء واجب يقول: إنّ الكتابة واجبة لكان تركيباً حسناً ولكنه قال: إنّ الكتابة لا تلزم، والإيتاء يجب فجعل الأصل غير واجب. والفرع واجباً. وهذا لا نظير له فصارت دعوى محضة.
ب - واستدلوا من السنة بحديث «أيما عبدٍ كاتبَ على مائةِ أوقيةٍ فأدّاها إلا عشر أواق فهو عبد» فلو كان الحطّ واجباً لسقط عنه بقدَره.


الصفحة التالية
Icon