الأرحام أحق بالإرث من غيرهم فلا تورّثوا غير ذي رحم لكن فعلكم إلى أوليائكم من المؤمنين والمهاجرين الأجانب بأن توصوا لهم فإنّ ذلك جائز بل هم أحق بالوصية من ذوي الأرحام الوراثين.
﴿مَسْطُوراً﴾ : أي مثبتاً بالأسطار في القرآن الكريم، أو حقاً مثبتاً عند الله تعالى لا يُمْحَى.
المعنى الإجمالي
أخبر الباري تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن مقام النبي الرفيع، وشرفه السامي فبيّن أنه أحق بالمؤمنين من أنفسهم، وأن حقه أعظم من حقوق أنفسهم عليهم، وأن أمره ينبغي أن يقدّم على كل أمر، وحبّه ينبغي أن يفوق كل حبّ، فلا يُعصى له أمر، ولا يُخالف في صغيرة أو كبيرة، لأنّ ذلك من مقتضى ولايته العامّة عليهم، فإذا دعاهم إلى الجهاد عليهم أن يلبّوا أمره مسرعين ولا ينتظروا أمر والد أو والدة، فإنه صلوات الله عليه بمنزلة الوالد لهم، لا يريد لهم إلا الخير، ولا يأمرهم إلا بما فيه خيرهم وصلاحهم وسعادتهم.
وكما شرّف الله رسوله الكريم فجعل حقه أعظم الحقوق كذلك فقد شرّف زوجات الرسول الطاهرات فجعلهن أمهات للمؤمنين فأوجب احترامهم وتعظيمهن، وحرّم نكاحهن على الرجال، إكراماً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وحفظاً لحرمته في حياته وبعد وفاته، وذلك من الخصوصيات التي خصّ الله تعالى بها رسوله الكريم، ثم بيّن تعالى أن ذوي الأرحام أحق بإرث بعضهم البعض من الغير، فالقريب النسيب أحق بميراث قريبه من الأجنبي البعيد إلا إذا أراد الإنسان الوصية فإنّ الأجنبي يكون أحق من القريب لأنه لا وصية لوارث، وهذا الحكم ألا وهو توريث القريب دون الأجنبي هو حكم الله العادل الذي أنزله في دستوره وكتابه المبين، وجعله حكماً لازماً مسطّراً لا يُمْحى، والله تعالى أعلم.