إليه عمر فسأله فقال له أبيّ: إنه كان يلهيني القرآن، ويلهيك الصفق بالأسواق.
وأمّا قوله تعالى: ﴿وأزواجه أمهاتهم﴾ ففيه تشبيه يسمى (التشبيه البليغ) فقد حذف منه وجه الشبه وأداة الشبه وأصل الكلام: أزواجه مثل أمهاتهم في وجوب الاحترام والتعظيم وحرمة النكاح، وهذا كما تقول: محمد بحر أي أنه كالبحر في الجود والعطاء.
اللطيفة الثالثة: في قوله تعالى: ﴿بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ﴾ مجاز بالحذف تقدير الكلام: أولى بميراث بعضٍ أو بنفع بعض كما قال الألوسي، وإنما يفهم تخصيص الأولوية هنا بالميراث من سياق الكلام إذ المسلمون جميعاً بعضهم أولى ببعض في التناصر والتراحم، يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم كما ورد في الحديث الشريف؛ فلا تكون الأولوية بين أولى الأرحام إلا بالإرث إذ لا وجه لتخصيصهم بالنصرة أو الجماعة أو التعاون فإن ذلك واجب لجميع المسلمين.
تنبيه:
جمهور المفسرين على أن (مِنْ) في قوله تعالى: ﴿مِنَ المؤمنين والمهاجرين﴾ هي (ابتدائية) وليست (بيانية) وأنّ المفضل عليه هم (المؤمنون والمهاجرون) والمفضّل هم ﴿وَأُوْلُو الأرحام﴾ كما تقول: زيد أفضل من عمرو، فالمفضّل زيد والمفضّل عليه هو عمرو، ويكون المعنى كما أسلفنا (أولو الأرحام أولى بالإرث من المؤمنين والمهاجرين).
وأجاز الزمخشري أن تكون (مِنْ) (بيانية) ويكون المعنى: أولو الأرحام أي الأقرباء من المؤمنين والمهاجرين أحق بميراث بعضهم بعضاً من الأجانب، وقد ردّ هذا القول (ابن العربي) في كتابه «أحكام القرآن». وقال ما نصه: إن حرف الجر يتعلق (بأوْلى) لما فيه من معنى الفعل لا بقوله (أولو الأرحام) بإجماع لأن ذلك كان


الصفحة التالية
Icon