وقال أبو الحسن الكرخي: يجوز بلفظ الإجارة لقوله تعالى: ﴿اللاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ وحجته أن الله عَزَّ وَجَلَّ سمّى المهر أجراً. والأجر يجب بعقد يتحقق بلفظ الإجارة، فيصح به النكاح.
الرد على الكرخي:
والجواب: أنّ معنى (الإجارة) يتنافى مع عقد النكاح. إذ النكاح مبني على التأبيد. والتوقيقُ يبطله. وعقد الإجارة مبنيٌ على التوقيت. حتى لو أطلق كان مؤقتاً ويتجدّد ساعة فساعة. فكيف يصح جعل ما هو موضوع على التوقيت دالاً على ما يبطله التوقيت؟
ومن جهة ثانية فإن الإجارة عقد على لامنافع بعوض، والمهر ليس مقابل العوض. بل هو عطية أوجبها الله تعالى إظهاراً لخطر المحل. ولذلك يصحّ النكاح مع عدم ذكر المهر. ويجب مهر المثل بالدخول. ولا يصح النكاح بلفظ الإجازة حتى لا يلتبس الأمر بعقد المتعة الباطل. ولهذا لم يوافق أحد من فقهاء الحنفية الكرخيَّ فيما ذهب إليه.
أما النكاح بلفظ الهبة فقد أجازه الحنفية. ومنعه جمهور الفقهاء.
أدلة الحنفية:
استدل الحنفية على جواز عقد النكاح بلفظ الهبة بما يلي:
أ - قوله تعالى: ﴿إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا﴾ ووجه الاستدلال أنّ الله عَزَّ وَجَلَّ وسمّى العقد بلفظ الهبة نكاحاً فقال: (أن يستنكحها) فدلّ على جواز النكاح بلفظ الهبة، وإذا جاز هذا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد جاز لنا أيضاً لأننا أمرنا باتباعه والإقتداء به.
ب - وقالوا أيضاً: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأمتَّه في عقد النكاح بلفظ (الهبة) سواء. وخصوصيتُه التي أشارت إليها الآية الكريمة {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ