الحكم الثاني: هل الهجرة شرط في النكاح؟
ظاهر الآية الكريمة يدل على أنّ من لم تهاجر معه من النساء لا يحلّ له نكاحها لقوله تعالى: ﴿اللاتي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ الآية وإلى هذا الظاهر ذهب بعض العلماء، قال القاضي أبو يعلى: وهذا يدل على أن من لم تهاجر معه من النساء لم يحلّ له نكاحها، قالت أم هانئ بنت أبي طالب: خطبني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فاعتذرت إليه فعذرني، ثم نزلت هذه الآية ﴿إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أزواجك﴾ إلى قولك ﴿اللاتي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ قالت: فلم أكن لأحلّ له، لأني لم أهاجر معه، كنتُ من الطّلقاء.
وجمهور المفسرين على أن الهجرة ليست بقيد ولا شرط، وإنما هي لبيان الأفضل. كما في قوله تعالى: ﴿اللاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ فالآية ذكرت الأصناف التي يباح للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يتزوج منها، وبيّن ما هو أفضل له وأكمل، فكما أنّ ذكر (الأجور) ليس للقيد وإنما هو لبيان الأفضل فكذا هنا.
قال أبو حيّان: (والتخصيص باللاتي هاجرن معك، لأنّ من هاجر معه من قرابته غير المحارم أفضل من غير المهاجرات، وقيل: شرط الهجرة في التحليل منسوخ).
وحكى المارودي في ذلك قولين: أحدهما: أن الهجرة شرط في إحلال النساء له على الإطلاق.
والثاني: أنه شرط في إحلال قراباته المذكورات في الآية دون الأجنبيات.
الترجيح: والصحيح ما ذهب إليه جمهور المفسّرين أن تقييد القريبات بكونهنّ مهاجرات لبيان الأكمل والأفضل.


الصفحة التالية
Icon