ومن هاتين النقطتين ندرك - بكل بساطة - تفاهة هذه التهمة، وبطلان ذلك الادعاء، الذي ألصقه به المستشرقون الحاقدون.
فلو كان المراد من الزواج الجريَ وراء الشهوة، أو السيرَ مع الهوى، أو مجرد الاستمتاع بالنساء، لتزوّج في سنّ (الشباب) لا في سنّ (الشيخوخة) ولتزوج (الأبكار الشابات)، لا (الأرامل المسنّات)، وهو القائل لجابر بن عبد الله حين جاءه وعلى وجهه أثر التطيب والنعمة: «هل تزوجت؟ قال: نعم، بكراً أم ثيباً؟ قال: بل ثيباً، فقال له صلوات الله عليه: فهلاَّ بكراً تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك» ؟
فالرسول الكريم أشار عليه بتزوج البكر، وهو عليه السلام يعرف طريق الاستمتاع وسبيل الشهوة، فهل يعقل أن يتزوج الأرامل ويترك الأبكار. ويتزوج في سن الشيخوخة، ويترك سنّ الصّبا، إذا كان غرضه الاستمتاع والشهوة؟!
إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفدون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بمهجهم وأرواحهم، ولو أنه طلب الزواج لما تأخر أحد منهم عن تزويجه بمن شاء من الفتيات الأبكار الجميلات، فلماذا لم يعدّد الزوجات في مقتبل العمر، وريعان الشباب، ولماذا ترك الزواج بالأبكار، وتزوّج الثيبات؟
إنّ هذا - بلا شك - يدفع كل تقوّل وافتراء، ويدحض كل شبهة وبهتان. ويردّ على كل آفّاك أثيم، يريد أن ينال من قدسية الرسول، أو يشوّه سمعته فما كان زواج الرسول بقصد (الهوى) أو (الشهوة) وإنما كان لحكم جليلة، وغايات نبيلة، وأهداف سامية، سوف يقر الأعداء بنبلها وجلالها، إذا ما تركوا التعصب الأعمى، وحكّموا منطق العقل والوجدان. وسوف يجدون في هذا الزواج (المثل الأعلى) في الإنسان الفاضل