وعظمته وحسن معاملته، وقد اسلمت وأسلم بإسلامها عدد من الناس، روي أن (صفية) رَضِيَ اللَّهُ عَنْها لما دخلت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال لها: لم يزل أبوك من أشدّ اليهود لي عداوة حتى قتله الله، فقالت يا رسول الله: إن الله يقول في كتابه: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ [الأنعام: ١٦٤].
فقال لها الرسول الكريم: اختاري، فإن اخترَت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك، فقالت يا رسول الله: لقد هويتُ الإسلام، وصدقتُ بك قبل أن تدعوني إلى رَحْلك، ومالي في اليهودية أرَب، ومالي فيها والد ولا أخ، وخيّرتني الكفرَ والإسلامَ، فاللَّهُ ورسولُه احبّ إليّ من العَتْق، وأن أرجع إلى قومي، فأمسكها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لنفسه.
ثالثاً: وكذلك تزوجه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ بالسيدة أم حبيبة (رملة بنت أبي سفيان) الذي كان في ذلك الحين حامل لواء الشرك، وألدّ الأعداء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقد أسلمت ابنته في مكة، ثمّ هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فراراَ بدينها، وهناك مات زوجها فبقيت وحيدة فريدة، لا معين لها ولا أنيس، فلما علم الرسول الكريم بأمرها أرسل إلى (النجاشي) ملكِ الحبشة ليزوجه أيّاها، فأبلغها النجاشي ذلك فسُرّت سروراً لا يعرف مقدراه إلا الله سبحانه، لأنها لو رجعت إلى أبيها أو أهلها لأجبروها على الكفر والردَّة، أو عدبّوها عذاباً شديداً، وقد أصدقها عنه أربعمائة دينار مع هدايا نفيسه، ولما عادت إلى المدينة المنورة تزوجها النبي المصطفى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ.
ولما بلغ (أبا سفيان) الخبرُ أقرَ ذلك الزواج وقال: «هوالفحل لا يُقدع أنفُه» فافتخر بالرسول ولم ينكر كفاءته له، إلى أن هداه الله تعالى للإسلام.
ومن هنا تظهر لنا الحكمة الجليلة في تزوجه عليه السلام بابنة أبي سفيان