السلام وتقول لك: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله، فقال: ضعه ثم قال: إذهب فادع لي فلاناً وفلاناً، ومن لقيتَ وسمَّى رجالاً، فدعوت من سَمَّى ومن لقيتُ، قيل لأنس: عدد كَمْ كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمائة، قال أنس: فقال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يا أنس هات التور، قال فدخلوا حتى امتلأت الصُفَّة والحجرة فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ليتحلق عشرة عشرة وليأكل كل إنسان مما يليه، فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجت طائفة، ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم، فقال لي يا أنس: ارفع، فما أدري حين وضعتكان أكثر أم حين رفعت؟ وجلس منهم طوائف يتحدثون في بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو جالس وزوجُه موليَّة وجهها إلى الحائط فثقلوا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فخرج فسلم على نسائه ثم رجع فلما، رأوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد رجع ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه فابتَدرُوا الباب وخرجوا كلهم، وجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حتى أرخى الستر ودخل وأنا جالس في الحُجْرة فلم يلبث إلا يسيراً حتى خرج عليّ وأنزل الله هذه الآية: ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي﴾ فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقرأها على الناس.
ثانياً: وأما بالنسبة لمشروعية الحجاب فقد كان سبب النزول ما روي في الصحيح عن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: قلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ متاعا فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ﴾ الآية. وهذه إحدى الموافقات الثلاثة التي نزل القرآن الكريم فيها موافقاً لرأي عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
وقد روي عن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: «وافقت ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزل: ﴿واتخذوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] وفي الحجاب فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في الغيرة فقلت: عسى ربه إن طلقكُنَّ أن يُبْدِلَه