قال المفسّرون: أجرى الله لسليمان عين الصُّفْر، حتى صنع منها ما أراد من غير نار، كما أُلين لداود الحديدُ بغير نار، فبقيت تجري ثلاثة أيام ولياليهنّ كجري الماء، وإنما يعمل الناس اليوم مما أعطي سليمان.
قال القرطبي: «وتخصيص الإسالة بثلاثة أيام لا يدري ما حدّه، ولعله وَهَم من الناقل، والظاهر أنه جُعل النحاس لسليمان في معدنه عيناً تسيل كعيون المياه، دلالة على نبوته».
﴿يَزِغْ﴾ : أي يعدل عن أمرنا به من طاعة سليمان، يقال: زاغ أي مالَ وانصرف.
﴿محاريب﴾ : أي قصور عظيمة، ومساكن حصينة، قال القرطبي: المحراب في اللغة: كل موضع مرتفع، وقيل للذي يُصلّى فيه: محراب، لأنه يجب أن يرفع ويعظّم، قال الشاعر:

جمع الشجاعة والخضوع لربه ما أحسن المحراب في المحراب
وروي عن أبي عبيدة أنه قال: المحراب أشرف بيوت الدار، وأنشد عدّي بن زيد:
كدُمَى العاج في المحاريب أوكالْ بيْض في الرّوض زهرة مستينر
وقيل: هو ما يرقى إليه بالدرج كالغرفة الحسنة، قال تعالى: ﴿إِذْ تَسَوَّرُواْ المحراب﴾ [ص: ٢١].
وقيل المراد بالمحاريب: المساجد، ونقل عن قتادة: أنها المساجد والقصور الشامخة. وسمي القصر بالمحراب لأنه يحارب من أجله، ومما يرجح هذا الرأي أن الله تعالى ذكر أنها من عمل الجن، ولعلّ عمل القصور الضخمة الشامخة كان مما يستعصي على الناس في ذلك


الصفحة التالية
Icon