موته على الجانّ المسخّرين له في الأعمال الشاقة، فإن مكث متوكئاً على عصاه نحو سنة وهو ميت، والجن لا تعلم ذلك حتى أكلت الأرَضة العصا فكُسرت وسقط على الأرض فعلموا حينئذٍ موته، ولو كانوا يعلمون الغيب ما مكثوا هذه المدة الطويلة مسخرين في الأعمال الشاقة التي كلفهم بها سليمان عليه السلام.
وجه المناسبة لما سبق من الآيات
مناسبة قصة (داود) وولده (سليمان) عليهما السلام لما سبق من الآيات الكريمة هي: أن الكفار لما أنكروا البعث والنشور لاستحالته في نظرهم، أخبرهم الله عزّ وجل بوقوع ما هو مستحيل في العادة، مما لا يمكنهم إنكاره من تأويب الجبال والطير، وإلانة الحديد لداود حتى كان بين يديه كالشمع أو كالعجين مع أنه جرم صلب، وكذلك تسخير الريح لسليمان تحمله مع جنده، وإسالة النحاس له حتى كان يجري بقدرة الله كجري الماء، وتسخير الجن تعمل له ما شاء من الأعمال الشاقة ممّا ليس في طاقة البشر، وكل هذا أثر من آثار قدرة الله عزّو وجلّ، فلا استحالة إذاً لأنّ الله على كل شيء قدير، وهذه هي وجه المناسبة بين هذه الآيات الكريمة والآيات السابقة، والله أعلم.
وجوه القراءات
أولاً: قرأ الجمهور ﴿أوّبي﴾ بالتشديد من التأويب أي رجّعي معه التسبيح، وقرأ بعضهم ﴿أُوبي﴾ بضم الهمزة وتخفيف الواو، من الأوب، أي عودي معه في التسبيح كلّما عاد.
قال أبو السعود: «كان كلّما سبّح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ يسمع من