بأتباعه. ودلّ على هذا المعنى أيضاً قوله تعالى: ﴿مَا لَبِثُواْ فِي العذاب المهين﴾ لأن المؤمن لا يكون في زمان النبي في العذاب المهين.
اللطيفة الثامنة: قوله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور﴾ فيه إشارة إلى أن الشكر الوافر الكامل، بالقلب واللسان والجوارح لا يمكن أن يتحقق، لأن التوفيق لشكر الله تعالى نعمة من الله تستدعي شكراً آخر، لا إلى نهاية، ولذلك قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر، وأما الشكر الذي يناسب نعم الله فلا قدرة عليه و ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]. ومع ذلك فإن الشكر بقدر الطاقة قليل في الناس، والكفرانَ لنعم الله أكثر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: هل كانت التماثيل مباحة في شريعة سليمان عليه السلام؟
يدل ظاهر الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن محاريب وتماثيل﴾ على حل اتخاذ التماثيل، وعلى أنها كانت مباحة في شريعة سليمان عليه السلام، فالقرآن الكريم صريح في امتنان الله تعالى على (سليمان) بأن سخّر له الجن لتعمل له ما يشاء من (محاريب، وتماثيل، وجفان كالجواب، وقدور راسيات) وتخصيصُ هذه الأشياء بالذكر في معرض الإمتنان دليل على جوازها، وإذنٌ من الله تعالى باتخاذها، وللعلماء في هذه الآية الكريمة أقوال - نجملها فيما يلي:
أ - إن التماثيل الي أشار إليها القرآن كانت مباحة في شريعة سليمان، وقد نسخت في الشريعة الإسلامية، ومن المعلوم أن شريعة من قبلنا إنما تكون شريعة لنا إذا لم يرد ناسخ، وقد وجد هذا الناسخ فيكون اتخاذ التماثيل محرماً في شريعتنا قطعاً.