بالضرورة أن أكثر الأحكام الفقهية الشرعية إنما ثبتت بخبر الآحاد، فلو كانت أخبار الآحاد لا تفيد القطع - كما زعموا - لضاعت أكثر أحكام الشريعة، وهذا كلام لا يصدر عن فقيه عالم، إنما يصدر عن جاهل بأصول الشريعة الغراء، وطرق استنباط الأحكام.
ومن المفارقات العجيبة أنّ الذين يحتجون بأمثال هذه الحجج الواهية، يأخذون بأحاديث - لإثبات رأيهم - لا تصلح للاحتجاج لنكارتها، وضعف سندها، وجهل رواتها، ولكنها لما كانت موافقة لأهوائهم يتمسكون بها، لأن في إبطالها إبطالاً لأكثر أحكام الشريعة.
ومن جهة ثانية: فإنّ النصوص الواردة في تحريم التصوير بلغت حدّ التواتر، وتناقلها المسلمون جيلاً عن جيل، فلا مجال للمتشككين أن يدخلوا من هذا الباب، ونزيدك علماً بأن الشعوب الإسلامية لم يوجد فيها تصوير أو نحت بقدر كبير، وأنّ الفنّانين المسلمين انصرفوا عن التصوير، وصنع التماثيل، إلى استخدام النقش الهندسي، والتزيين العربي، والتشكيل النباتي وغيرها.. وكلّ ذلك بسبب ما يعلمون من تحريم الإسلام للتصوير، فلو لم يكن في اعتقادهم محرماً لما تركوه وانصرفوا إلى غيره، ويكفي هذا للرد على أولئك الزاعمين.
الشبهة الثالثة:
يستشهدون على إباحة التصوير بآيات من القرآن الكريم، لا يصح الاحتجاج بها لأنها ليست من شريعتنا، وإنما هي من الشرائع السابقة المنسوخة بشريعة


الصفحة التالية
Icon