٢ - واستدلوا بحديث أبي أمامة عن بعض الصحابة من الأنصار: أنه أشتكى رجل منهم فعاد جلدةً على عظم، فدخلت عليه جارية لبعضهم فهشَّ لها، فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك، وقال: استفتوا لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فذكروا له ذلك، وقالوا: ما رأينا بأحد من الضر مثل ما به، ولو حملناه لك لتفسَّخت عظامه، ما هو إلا جلدٌ على عظم.
فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يأخذوا له مائة سمراخ فيضربونه بها ضرة واحدة.
ودلالة الآية ظاهرة على صحة هذا القول.
وذلك لأن فاعل ذلك يسمى ضارباً لما شرط من العدد، وذلك يقتضي البر في يمينه.
٣ - وقالوا: إن القرآن حكم بأنه لا يحنث بفعله لقوله تعالى: ﴿فاضرب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ﴾.
ولكن يجب أن لا يطبق ذلك في الحدود إلا مقيداً بما ورد الحديث به، فيكون ذلك حد المريض الذي وصل من المرض إلى الحد الذي وصف في الحديث الشريف.
الحكم الخامس: هل تجوز الحيلة في الشريعة الإسلامية؟
٣ - قال الجصاص: في تفسيره «أحكام القرآن» :(وفي الآية دليل على جواز الحيلة في التوصل إلى ما يجوز فعله، ودفع المكروه بها عن نفسه وعن غيره لأن الله تعالى أمره بضربها بالضغث ليخرج به من اليمين ولا يصل إليها كثير ضرر).
أقول: هذا هو الحد المقبول من الحيل الشرعية التي توصل إلى ما يجوز فعله وتدفع المكروه عن نفسه وغيره. أما الحيل التي يتوصل بها إلى الهرب