«أسرَتْ ثقيف رجلين من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأسر أصحابُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رجلاً من بني عامر بن صعصعة فمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو في الأسر فقال الأسير: علام أُحبس؟ فقال: بجريرة حلفائك، فقال: إني مسلم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح، ثم مضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فناداه الأسير، فقال: إني جائع فأطعمني ﴿فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نعم هذه حاجتك.. ثمّ فداه بالرجلين اللّذين كانت ثقيف أسرتهما».
قالوا: فهذا دليل على جواز فداء المسلم بغيره من المشركين.
هـ - واستدلُوا با رواه مسلم عن عمران بن الحصين أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين.
وواستدلوا بما رواه مسلم أيضاً عن (إياس بن سلمة) عن أبيه قال: «خرجنا مع أبي بكرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وأمّره علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى أن قال: فلقيني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الغد في السوق فقال يا سَلَمة: هبْ لي المرأة - يعني التي نفّله أبو بكر إيّاها - فقلت يا رسول الله: لقد أعجبتني وما كشفتُ لها ثوباً.
ثم لقيني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الغد في السوق، فقال يا سلمة: هب لي المرأة لله أبوك﴾ ! فقلت: هي لك يا رسول الله، فوالله ما كشفتُ لها ثوباً.. فبعث بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ففدى بها ناساً من المسلمين أُسرُوا بمكة «.
ز - واستدلوا بالمعقول وهو: أن تخليص المسلم أولى من قتل الكافر، للانتفاع بالمسلم، لأنّ حرمته عظيمة، وأما الضرر الذي يعود إلينا بدفعه إلى المشركين، فيدفعه نفع المسلم الذي يتخلّص من فتنتهم وعذابهم، وضررُ واحد يقوم بدفعه واحد مثله فيتكافئان، وتبقى فضيلة تخليص المسلم وتمكينه


الصفحة التالية
Icon