كما قال جل ثناؤه ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: ٤٠].
ولقد كان من وصايا النبي الأكرم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، للجند والجيش المجاهدين في سبيل الله، أن يأمرهم بطاعة الله، وعدم الغدر والخيانة حتى بالأعداء. فقد روى مسلم في صحيحة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال:
«أُغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، أُغزوا ولا، تَغُلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليداً».
وكذلك فعل الخلفاء الراشدون، ففي وصية أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لأسامة بن زيد حين بعثه إلى الشام: «لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً، ولا تحرّقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلاّ لمأكله، وسوف تمرّون بأقوام قد فرّغوا أنفسهم له».
وهكذا كانت رحمة الإسلام في الحرب، ممثلة بمبادئه الإنسانية الرحيمة، فالإسلام حين يبيح الحرب يجعلها مقدرة بقدرها، فلا يقتل إلاّ من يقاتل في المعركة، وأمّا من تجنّب الحرب فلا يحل قتله أو الاعتداء عليه ﴿فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤].
﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله الذين يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تعتدوا إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المعتدين﴾ [البقرة: ١٩٠].
لقد حرّم الإسلام قتل النساء، والشيوخ، والأطفال، وقتل المرضى والرهبان.
وحرّم (المُثْلَة) والإجهاز على الجريح، وتتبّع الفارَّة، وتحريق البيوت