ثم بين الله تعالى أنه لا يغفر الشرك، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، حتى لا يظن الظان أن المؤمن إن أبطل عمله بالمعاصي فقد هلك، بل فضلُ الله باق يغفر له بفضله، وإن لم يغفر له بعمله.
وإذا كان أمر الكفار في الآخرة هذا، فأمرهم في الدنيا كذلك من الذلة والحقارة، فلا تضعفوا أيها المؤمنون في ملاقاتهم، ولا تجنبوا عن قتالهم، فالنصر لك آجلاً أو عاجلاً، فلا تدعوا الكفار إلى الصلح خوراً، وإظهاراً للعجز فإن ذلك إعطاء للدنية، وأنتم الأعلون عزةً وقوةً ورفعة مكانة، وذلك لأن الله معكم يؤيدكم بنصرة، ويؤيدكم بقوته، ولن ينقصكم من أعمالكم شيئاً بل يعطيكم ثوابها كاملاً خير منقوص.
فائدة
أولاً: أخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: «كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يرون أنه لا يضر مع (لا إله إلا الله) ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل حتى نزلت: ﴿أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول وَلاَ تبطلوا أعمالكم﴾ فخافوا أن يبطل الذنب العمل. ولفظ عبد بن حميد» فخافوا الكبائر أن تحبط أعمالكم «.
ثانياً: وأخرج ابن نصر المروزي وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قال:
كنا معاشر أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبولاً حتى نزلت ﴿أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول وَلاَ تبطلوا أعمالكم﴾ فلما نزلت هذه الآية قلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات، والفواحش، فكنا إذا رأينا من أصاب شيئاً منها قلنا: قد هلك، حتى نزلت