قال أبو السعود: ومعنى سمعه تعالى لقولها: إجابة دعائها، لا مجرد علمه تعالى بذلك: كما هو المعنيُّ بقوله تعالى: ﴿والله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ﴾ أي يعلم تراجعكما الكلام.
﴿تجادلك﴾ : أي تراجعك في شأن زوجها، والمجادلة: المناظرة والمخاصمة وفي الحديث: «ما أوتي قوم الجدل إلاّ ضلّوا» والمراد بالحديث الجدل على الباطل، وطلب المغالبة به، لا إظهار الحق فإنّ ذلك محمود لقوله تعالى: ﴿وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥] والمراد هنا: المراجعة في الكلام.
﴿وتشتكي﴾ : الشكوى إظهار البث وما انطوت عليه النفس من الهمّ والغم، وفي التنزيل: ﴿قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله﴾ [يوسف: ٨٦] وشكا واشتكى بمعنى واحد.
﴿تَحَاوُرَكُمآ﴾ : المحاورة المراجعة في الكلام، من حار الشيء يحور حوراً أي رجع يرجع رجوعاً، ومنه حديث: «نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر» ومنه فما أحار بكلمة أي فما أجاب. قال عنترة:

لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلّمي
يريد به فرسه أي لو كان يعلم الكلام لكلَّمني.


الصفحة التالية
Icon