بل المقصود ما بعده، ولو قال: إنّ من قام في محفل من المحافل خطيباً، ليس له باعث على ذلك إلا أن يصدر منه الحمد، والصلاة، لما كان هذا مقبولاً بل كل طبع سليم يمجّه ويردّه، إذا تقرّر هذا عرفت أن الوعظ في خطبة الجمعة هو الذي يساق إليه الحديث، فإذا فعله الخطيب فقد فعل الأمر المشروع إلاّ أنه قدّم الثناء على الله وعلى رسوله، أو استطرد في وعظه القوارع القرآنية كان أتمّ وأحسن».
الحكم الرابع: ما هو العدد الذي تنعقد به الجمعة؟
لا خلاف بين الفقهاء أن الجماعة شرط من شروط صحة الجمعة، لقوله عليه السلام: «الجمعة حقٌّ واجبٌ على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض».
ولأن التسمية تقتضي ذلك، فلا يقال لمن صلَّى وحده إنه صلى الجمعة. فلا بدّ من الجماعة، وقد اختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجمعة إلى خمسة عشر قولاً ذكرها الحافظ في «الفتح».
والآية الكريمة لم تنصّ على عددٍ معيّن، وكذلك السُنَّةُ المطهّرة لم يرد فيها نص صريح صحيح على العدد الذي تنعقد به، ولهذا اختلف الفقهاء على أقوال عديدة:
أ - الحنفية قالوا: يكفي أربعة أحدهم الإمام، وقيل: ثلاثة.
ب - الشافعية والحنابلة قالوا: لا بدّ من جمع غفير أقله أربعون.
ج - المالكية قالوا: لا يشترط عدد معيّن بل تشترط جماعة تُسْكن بهم قرية، ويقع بينهم البيع، ولا تنعقد بالثلاثة والأربعة ونحوهم.
قال الحافظ ابن حجر: ولعلّ هذا المذهب أرجح المذاهب من حيث الدليل.
وهناك أحكام أخرى تطلب من كتب الفروع ضربنا صفحاً عنها لأنّ الآية الكريمة لا تدل عليها والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.