والثالث: خص النداء به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على العادة في خطاب الرئيس الذي يدخل فيه الأتباع، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إمام أمته، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم: يا فلان افعلوا كيت وكيت إظهاراً لتقدمه واعتباراً لترؤسه. وفيه إظهار لجلالة منصبه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ ما فيه، ولذلك اختير لفظ (النبي) لما فيه من الدلالة على علو مرتبته.
والرابع: الخطاب كالنداء له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلا انه اختير ضمير الجمع للتعظيم نظير ما في قوله: (ألا فارحموني يا إله محمد).
والخامس: إنه بعد ما خاطبه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ بالنداء صرف سبحانه الخطاب عنه لأمته تكريماً له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا في الطلاق من الكراهة فلم يُخَاطبْ به تعظيماً.
والسادس: حذف نداء الأمة، والتقدير يا أيها النبي وأمة النبي إذا طلقتم.
قال القرطبي: إذا أراد الله بالخطاب المؤمنين لاطفه بقوله: ﴿ياأيها النبي﴾ فإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعاً له قال: (يا أيها الرسول).
اللطيفة الثانية: فإن قيل: ما السرّ في تسمية الطلاق ب (الطلاق البدعي)، أو (الطلاق السني) ؟
فالجواب كما قال الإمام الرازي: إنما سمي بدعة لأنها إذا كانت حائضاً لم تعتد بأيام حيضها من عدتها بل تزيد على ثلاثة أقراء، فتطول العدة عليها حتى تصير كأنها أربعة أقراء، وهي في الحيض الذي طلقت فيه في صورة المعلّقة التي لا هي معتدة، ولا ذات بعل، والعقولُ تستقبح الإضرار.
ففي طلاقة إيَّاها في الحيض سوء نظر للمرأة، وفي الطلاق في الطُّهر الذي جامعها فيه، وقد حملت فيه سوء نظر للزوج.