لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: قال أبو حيان: لمَّا كان الكلام في أمر المطلقات، وأحكامهن، من العدة وغيرها، وكنَّ لا يطلقهن أزواجهن إلا عن بغض لهنَّ وكراهة، جاء عقيب بعض الجمل (الأمرُ بالتقوى) حيث المعنى مبرزاً في صورة شرط وجزاء في قوله ﴿وَمَن يَتَّقِ الله... ﴾ إذ الزوج المطلق قد ينسب إلى مطلقته بعض ما يشينها، وينفِّر الخُطَّاب عنها، ويوهم أنه فارقها لأمر ظهر له منها، فلذلك تكرَّر قوله: ﴿وَمَن يَتَّقِ الله﴾ في العمل بما أنزله من هذه الأحكام، وحافظ على الحقوق الواجبة عليه من ترك الضرار، والنفقة على المعتدات... وغير ذلك مما يلزمه يرتب له تكفير السيئات، وإعظام الأجر.
اللطيفة الثانية: قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَمْرُ الله أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ﴾ إشارة إلى ما ذكر من الأحكام، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد المشار إليه للإيذان ببعد منزلته في الفضل، وإفرادُ الكاف مع أن الخطاب للجمع كما يفصح عنه قوله تعالى: ﴿أَمْرُ الله أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ﴾ لما أنها لمجرد الفرق بين الحاضر والمنقضي لا لتعيين خصوصية المخاطبين.
اللطيفة الثالثة: قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ وما بعده استئناف، وقع جواباً عن سؤال نشأ مما قبله من الحث على التقوى في قوله: ﴿وَمَن يَتَّقِ الله﴾.
كأنه قيل: كيف يعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟! فقيل: اسكنوهن مسكناً من حيث سكنتم.