فسببُ التزمل هو ما عراه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الرعب والفزع من رؤية الملك على صورته الملكيّة.
اللطيفة الثالثة: ذكر الله تعالى في كتابه العزيز ثلاثة أشياء وصفها ب (الجميل) وأمر بها نبيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ وهي: قوله تعالى: ﴿فاصبر صَبْراً جَمِيلاً﴾ [المعارج: ٥]... ﴿واهجرهم هَجْراً جَمِيلاً﴾... ﴿فاصفح الصفح الجميل﴾ [الحجر: ٨٥].
فالصبرُ الجميل الصبرُ الذي لا شكوى معه.
والهجرُ الجميل الهجرُ الذي لا أذيّة معه.
والصفح الجميل الصفحُ الذي لا عتاب معه.
اللطيفة الرابعة: «في الصحيح أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يقوم الليل حتى تفطرت قدماه، فقالت له السيّدة عائشة: أتفعل هذا بنفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ ﴿فقال لها عليه السلام: أفلا أكونُ عبداً شكوراً» ﴾ ! فصلوات ربي وسلامه على نبيّه المصطفى وحبيبه المجتبى.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: هل قيام الليل كان فريضة على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟
ظاهر قوله تعالى: ﴿قُمِ اليل إِلاَّ قَلِيلاً﴾ أن التهجد كان فريضة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأنّ فرضيته كانت خاصة به، وممّا يدل عليه قوله تعالى في سورة الإسراء [٧٩] ﴿وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ﴾ فإنّ قوله: ﴿نَافِلَةً لَّكَ﴾ بعد الأمر بالتهجد ظاهر في أن الوجوب من خصائصه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ وليس معنى النافلة في هذه الآية ما يجوز فعله وتركه، فإنه على هذا الوجه لا يكون خاصاً به عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، بل معنى كونه التهجد نافلة له أنه شيء زائد على ما هو مفروض على سائر الأمة.
وقد كان المؤمنون يصلون مع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حتى ورمت أقدامهم وسوقهم من القيام، فنسخ الله تعالى ذلك بقوله في آخر السورة: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ