التفسير بالمأثور
* ما هو التفسير المأثور؟
يشمل التفسير المأثور ما جاء فى القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وما نُقِل عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما نُقِل عن التابعين، من كل ما هو بيان وتوضح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم.
وإنما أدرجنا فى التفسير المأوثر ما رُوِىَ عن التابعين - وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرأى - لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور، كتفسير ابن جرير وغيره، لم تقتصر على ما ذِكْر ما رُوِىَ عن النبى ﷺ وما رُوِىَ عن أصحابه، بل ضمت إلى ذلك ما نُقِل عن التابعين فى التفسير.
* *
* تدرج التفسير المأثور:
تدرَّج التفسير المأثور فى دوريه - دور الرواية ودور التدوين - أما فى دور الرواية، فإن رسول الله ﷺ بيَّن لأصحابه ما أشكل عليهم من معانى القرآن، فكان هذا القَدْر من التفسير يتناوله الصحابة بالرواية بعضهم لبعض، ولمن جاء بعدهم من التابعين.
ثم وُجِد من الصحابة مَنْ تكلم فى تفسير القرآن بما ثبت لديه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بمحض رأيه واجتهاده، وكان ذلك على قِلَّة يرجع السبب فيها إلى الروعة الدينية التى كانت لهذا العهد، والمستوى العقلى الرفيع لأهله، وتحدد حاجات حياتهم العملية، ثم شعورهم مع هذا بأن التفسير شهادة على الله بأنه عَنِىَ باللفظ كذا.
ثم وُجِد من التابعين مَنْ تصدَّى للتفسير، فروى ما تجمَّع لديه من ذلك عن رسولَ الله ﷺ وعن الصحابة، وزاد على ذلك من القول بالرأى والاجتهاد، بمقدار ما زاد من الغموض الذى كان يتزايد كلما بَعُدَ الناس عن عصر النبى ﷺ والصحابة.

ثم جاءت الطبقة التى تلى التابعين وروت عنهم ما قالوا، وزادوا عليه بمقدار ما زاد من غموض وهكذا ظل التفسير يتضخم طبقة بعد طبقة، وتروى الطبقة التالية ما كان عند الطبقات التى سبقتها، كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق.
ثم ابتدأ دورالتدوين - وهو ما يعنينا فى هذا البحث - فكان أول ما دُوِّن من التفسير، هو التفسير المأثور، على تدرج فى التدوين كذلك، فكان رجال الحديث والرواية هم أصحاب الشأن الأول فى هذا. وقد رأينا أصحاب مبادئ العلوم حين


الصفحة التالية
Icon