فقد عرَّفه أبو حيان فى البحر المحيط بأنه: "علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التى تُحمل عليها حالة التركيب، وتتمات لذلك".
ثم خرَّج التعريف فقال: "فقولنا: "علم"، هو جنس يشمل سائر العلوم، وقولنا: "يُبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن"، هذا هو علم القراءات، وقولنا: "ومدلولاتها" أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا هو علم اللغة الذى يُحتاج إليه فى هذا العلم، وقولنا: "وأحكامها الإفرادية والتركيبة"، هذا يشمل علم التصريف، وعلم الإعراب، وعلم البيان، وعلم البديع، وقولنا: "ومعانيها التى تُحمل عليها حالة التركيب"، يشمل ما دلالته عليه بالحقيقة، وما دلالته عليه بالمجاز، فإن التركيب قد يقتضى بظاهره شيئاً ويصد عن الحمل على الظاهر صاد فيحتاج لأجل ذلك أن يُحمل على الظاهر وهو المجاز، وقولنا: "وتتمات لذلك"، هو معرفة النَسْخ وسبب النزول، وقصة توضح بعض ما انبهم فى القرآن، ونحو ذلك".
وعرَّفه الزركشى بأنه: "علم يُفهم به كتاب الله المُنَزَّل على نبيه محمد ﷺ وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه".
وعرَّفه بعضهم بأنه: "علم يُبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد، من حيث دلالته على مراد الله تعالى، بقدر الطاقة البشرية".
والناظر لأول وهلة فى هذين التعريفين الأخيرين، يظن أن علم القراءات وعلم الرسم لا يدخلان فى علم التفسير، والحق أنهما داخلان فيه، وذلك لأن المعنى يختلف باختلاف القراءتين أو القراءات، كقراءة: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً﴾ [البقرة: ٢٢٢]- بضم الميم وإسكان اللام، فإن معناها مغاير لقراءة مَن قرأ: "ومَلِكاً كبيراً" - بفتح الميم وكسر اللام. وكقراءة ﴿حتى يَطْهُرْنَ﴾ - بالتسكين، فإن معناها مغاير لقراءة مَن قرأ: "يطهَّرن" - بالتشديد، كما أن المعنى يختلف أيضاً باختلاف الرسم القرآنى فى المصحف، فمثلاً قوله تعالى: ﴿أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً﴾ [الملك: ٢٢]- بوصل "أمَّن"، يغاير فى المعنى: ﴿أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾ [النساء: ١٠٩]- بفصلها، فإن المفصولة تفيد معنى "بل" دون الموصولة.
وعرَّفه بعضهم بأنه: "علم نزول الآيات، وشئونها، وأقاصيصها، والأسباب النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها، ومُحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومُطلقها ومُقيدها، ومُجملها ومُفسِّرها، وحلالها وحرامها، ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعِبَرها وأمثالها".